لماذا التشكيك في عمر الإمام المهدي
(عجّل الله تعالى فرجه)(*) ؟
أوّلاً : إنّ قدرة الباري (عزّ وجلّ) لا حدود لها , وفوق البعد الذهني البشري .
ثانياً : إنّ ربَّ العزة إذا أراد شيئاً قال له كن فيكون , (إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ)(النحل / 40) , بتوفير أسبابه ووسائله .
ومعاجز الله في خلقه كثيرة ؛ للفت الانتباه لأمرٍ غير معوّد , وتبيان قدرة الله ؛ كتعليم النبي سليمان (عليه السّلام) منطق الطير , وسماع صوت النمل الذي لا يُسمع دبيبه , وحمل أحد من الجنِّ عرش بلقيس والمجيء به إلى سليمان (عليه السّلام) قبل أن يرتد إليه طرفه , وطي الأرض له , وسفره في الجو على البساط . كما إنّ معاجز الله كثيرة في خرق الطبيعة ؛ كانفلاق البحر لموسى (عليه السّلام) .
ثالثاً : (وإِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ) .
رابعاً : ما أكثر آيات الله سبحانه الخارقة لنواميس الكونية ؛ كبرودة النار لسيدنا ابراهيم الخليل (عليه السّلام) , وولادة سيدنا المسيح (عليه السّلام) من غير أب , ونزول مائدة من السماء على الحواريِّين , والتشبيه في قتله (عليه السّلام) , وصعوده إلى السماء , وعصى سيدنا موسى (عليه السّلام) وانقلابها حية تسعى , وانفلاق البحر , ونبجاس الماء من الحجر ... إلخ .
خامساً : إنّ رحمة الجليل (جلّ وعلا) وسعت كلَّ شيء حتّى لتشمل الظالمين والجاحدين والمفسدين ...
سادساً : إنّ الله سبحانه يمد في عمر مَن يشاء , وقد يكون ذلك الإمداد لإقامة الحجة ؛ كإنظاره إبليس (عليه العنة) ، فهذه ليست كرامة , ولا هي تشريفاً له كما أنجى (فرعون) موسى ببدنه من الغرق وجعله آية للناس .
كما إنّ الباري سبحانه في كثير من الاُمور يخرق المألوف وما هو متعارف عليه من قوانين الحياة ؛ لحكمة بالغة يرتأيها , كما في حياة نوح ؛ حيث مكث لتبليغ قومه فقط ألفاً إلاَّ خمسين عاماً , أي أنّ مدة إنذاره لقومه كانت 950 عاماً : (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلاَّ خَمْسِينَ عَاماً)(العنكبوت / 14) .
وكذلك نوم أصحاب الكهف مدة 309 , (وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاَثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعاً)(الكهف / 25) , وهذا غير معهود , ولا يمكن تصوره إلاّ من خلال النصوص المقدّسة .
سابعاً : إنّ بيان قدرة الله في خرق ما هو طبيعي ومتآلف عليه عند البشر أو غير ذلك لحكمة اُخرى كما في أصحاب الكهف ؛ حيث أنامهم الله تعالى ثلاثمئة وزاد تسعة , ثمّ أفاقهم واستيقضوا من بعد طول منام .
أو كعُزير (صاحب الحمار) , قال تعالى : (أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ فَانظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ وَانظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْماً فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)(البقرة / 259) الذي أماته الله مئة عام ثمّ أحياه , وبقى طعامه وشرابه طول تلك الحقبة على حاله لم يتغيّر .
وفي هذه أسرار تتجلى فيها عظمة الله وقدرته يطرحها على عباده ؛ ليتفكروا فيها , ويعتبروا بآيات الله , لا أن يشكك أو يقلب الحقائق ويزيّفها ؛ لأنّ حِكَم الباري سبحانه لا يجب أن تكون في متناول عقول البشر ومما يُلمس