مقدمة الكتاب
الحمد لله الذي فتح لأوليائه طريق الوسائل , وأجرى على أيديهم الكريمة أنواع الفضائل , فمن اقتدى بهم انتصر واهتدى , ومن حاد عن طريقهم انتكس وتردى , ومن تمسك بأذيالهم أفلح و أدرك , ومن قابلهم بالأعتراض انقطع و هلك
أحمده حمد من علم ان لا ملجأ منه إلا إليه , وأشكره شكر من تحقق أن خيري الدنيا و الآخرة بيديه , وأستعينه استعانة من لا يعول في الأمور إلا عليه , وأصلي علي سيدنا محمد وعلى آله و أسلم عليه وعلى آله عدد خلق الله الكريم و أفضاله.
أما قبل ,
فإني أحمد الله الكريم العطاء على امتنانه علي بدرك نعمه العظمى من حيث أنني لا أرى علي إلا فضله , فلا عمل إلا من توفيقه ولا علم إلا من تعليمه بل هم الكل في الكل وهو الموجود وغيره العدم إلا من أوجده الله إلا من أعطاه الله إلا من أكرمه الله و لم يكن للخلق دخل في ذلك إلا من جعله الله واسطة النفع و الخير و وسيلة العز و الهناء و من يستنقذ الله به من الضلالة و العمى و يدفع به الشر و الحر وهم مولانا محمد و آل بيته عترته و من سبقه من نبي و من أتى بعده من ولي فهم من جعل الله أبواب الهدى و معاريج الأرواح و مرقاة الأسرار فاللهم صلي على مولانا محمد و آل بيته و كل نبي وولي من أهلك وخاصتك ,
وقد كنت في أيام الطلب شغوفا بمكاتيب أهل الطريقة الشاذلية المشيشية وكنت أقرأ بنهم شديد كل ما يمت للتصوف بصلة و أعجب به و أجد في ذلك راحة الروح و سلسبيل الفرح و أجدني وكأنني معهم و في حضرتهم و واحد منهم , ومن أساطين الطريق الذين جمعني الله بهم مولانا عبد السلام بن مشيش و مولانا أبي الحسن الشاذلي و مولانا عبد القادر الجيلاني قدس الله أسرارهم , والمولى قطب الطريق و غوث زمانه الرجل الكريم الطيب المصداق مولانا القطب الغوث سيدي عبد العزيز الدباغ قدس الله سره العزيز , وشغفت أيما شغف بكتاب تلميذه المسمى ’’ الإبريز من كلام سيدي عبد العزيز ’’ الدباغ لجامعه الشيخ العلامة البحر الفهامة سيدي أحمد بن المبارك قدس الله سره , وكان هجيري و سميري لا أمل من قراءته , و عرفت فاس المقدسة كما عرفنيها مولاي عبد العزيز وتلميذه سيدي أحمد , وتعرفت على أوليائها بهما و زرتهم في قبابهم قبل أن تطىء رجلاي أرض القباب المنيرة بفاس المقدسة ,
الآن وقد سلطنوني في طريقهم بإذن الله وآذنوني بنشر علوم الطريق , أ عود لأحكي للقلوب الحرة حديث الصفاء و الوفاء , و سوف لن أقول : ولما شب عمرو عن الطوق … لما تحمل في طياتها من سوء الأدب و إن تسربل بالعتب , لكنني أقول أبقى تلميذ حضراتك سادتي أولياء الله و إن بلغت ما بلغت … فببركاتكم ودوام دعائكم لي حصل النفع و الإستنفاع ولكم وإني لشخصكم و لذاتكم وأرواحكم محب عاشق إذ انتم مظهر التجلي الإلهي النبوي العلوي و لا أريد أن ألتفت فأجدني وحيدا , بل أريد أن نبقى متصلين بحبل المودة العظمى و التوحد التام قلبا و قالبا على قلب رجل واحد فما وجودنا إلا تجلي للحضرة المقدسة لباب مدينة علم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .
الآن وبالإذن من مولاي عبد العزيز الدباغ عليه السلام أقوم لأنفض غبار القاسية قلوبهم عن هذا الكتاب و أقدمه لأهل عصرنا كما يفهمه من ألف حديث العولمة و أخبار الفن و لا بأس بالتصوف إن كان فلكلورا نجذب به السياح و نحقق المصلحة , ودعنا من هذه الدروشة … ودعنا من هذه الشروح و الصلوات …. و ليكن سباقا لحناجر الذئاب تتكلم بأشعار الأولياء و قلوبها أقسى من الحجر و مطلبها الدينار و مدح البشر… !! وأي بشر !! كلا لا وزر إلى ربك يومئذ المستقر ينبأ الإنسان بما قدم وأخر .
الآن نعود لنفض غبار القرون عن العيون المبصرة في كتب الصالحين لترى خبر السماء و الأرض من خلال فتوح أولياء الله التراجمة بعد النبي وآله لتعاليم الإسلام المجيد , الإسلام كل الإسلام ….. لا ما يعرفه الكارهون لأولياء الله و لعلومهم و أنى لهم و لو نظروا بألف عين في كتب العارفين فلن يروا فيها إلا أنفسهم الحاقدة على أبناء الزهراء العارفين بالله , والسلام على الزهراء و أبيها و بعلها وبنيها عدد علم الله المستودع فيها و في أبيها و بعلها و بنيها عدد الحاقدين و الكارهين و عدد المحبين و المحبوبين .
الآن تبدأ كلمة الله بالمسير عبر هذه الصفحات المشرقة من صور الخالدين في علياء الحب الإلهي و العرفان الصافي حتى التحرير , التحرير للنفس من براثن الشيطان , التحرير للذات من ظلمات التأثير النفسي الشيطاني الشعوذي , التحرير للإنسان كل الإنسان من نزعات الهوى و نزغات الشيطان و أعوانه , و لله الأمر من قبل و من بعد , ويومئذ يفرح المومنون بنصر الله .