فاطمة بنت الإمام الحسين سيّد الشهداء وسيّد شباب أهل الجنّة، ابن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب صلوات الله عليهم. أمُّها: أم إسحاق بنت طلح بن عُبيدالله التَّيْمي. إخوتها: الإمام زين العابدين عليّ بن الحسين، وعليّ الأكبر شهيد كربلاء، وعبدالله الرضيع ـ أو عليّ الأصغر ـ ذبيح السهم في كربلاء صلوات الله عليهم. وأختها سكينة بنت الحسين عليه وعليها السّلام.
أمّا عمّها: فهو الإمام الحسن المجتبى سيّد شباب أهل الجنّة سلام الله عليه، وأمّا عمّاتها فـ: زينب الكبرى عقيلة بني هاشم سلام الله عليها، وأمّ كلثوم بنت أمير المؤمنين عليه وعليها السّلام.
كُنيتها: أمّ عبدالله. ولقبها: فاطمة الصغرى، والنَّبَويّة.
وزوجها: الحسن المثنّى بن الإمام الحسن السِّبط المجتبى بن أمير المؤمنين عليهم من الله أفضل الصلاة والسلام. وأولادها هم: عبدالله المحض ، وإبراهيم الغَمْر، والحسن المثلّث ، وزينب.
أخذ أهل البيت عليهم السّلام عبادتهم عن جدّهم رسول الله صلّى الله عليه وآله وأمير المؤمنين عليٍّ عليه السّلام.. وإذا فات فاطمةَ بنت الحسين عليهما السّلام أن تُدرك جدَّيها، فقد عاشت في كنف أبيها الإمام الحسين سلام الله عليه، وشاهدت أخاها زين العابدين عليّ بن الحسين سلام الله عليهما، وقد كانا في عبادتهما ما أذهل الناسَ وأعجزهم .
فخليقٌ ـ إذن ـ بفاطمة بعد هذا أن تدأب على العبادة، وتلتذَّ بمناجاة المولى جَلّ شأنه والمثول بين يديه تبارك وتعالى. وكانت بذلك مشهورة، وعلى الألسن والأقلام معروفة:
• قال أبوها الإمام الحسين عليه السّلام: أمّا في الدين.. فتقوم الليلَ كلَّه، وتصوم النهار
• وكتب الشيخ المفيد: كانت فاطمة بنت الحسين عليه السّلام تقوم الليل وتصوم النهار
• وثبّت ابن سعد في طبقاته هذه العبارة في وصف عبادتها: كانت تسبّح بخيوطٍ مَعقودٍ فيها
روى ثقةُ الإسلام الشيخ الكلينيّ عن الإمام محمّد الباقر عليه السّلام أنّه قال: ثمّ إنّ حُسَيناً عليه السّلام حضَرَه الذي حَضَره، فدعا ابنتَه الكبرى فاطمة بنت الحسين عليه السّلام فدفع إليها كتاباً ملفوفاً، ووصيّةً ظاهرة. وكان عليّ بن الحسين عليه السّلام مبطوناً لا يَرَون إلاّ أنّه لما به، فدفعت فاطمةُ الكتابَ إلى عليّ بن الحسين عليه السّلام
.رحلت فاطمة بنت الحسين عليهما السّلام مع الركب الحسينيّ إلى كربلاء، وعاشت وقائع الطفّ وما قبلها وبعدها، ورأت ما جرى يوم عاشوراء من فجائع عظمى أذهلت الدهر وأوجمت التاريخ، فما غَرَبتْ شمسُ ذلك اليوم الرهيب حتّى نظرت إلى صعيد كربلاء وإذا عليه أبوها وإخوتها وأعمامها وبنو عمّها والخيرة الأوفياء من ذويها وأصحاب أبيها.. صَرْعى مُرَمَّلين.
وحلّ المساء فامتلأت الأجواء وَحشَةً ورَهبَة، فلاذَت فاطمةُ بعمّتها زينب عليها السّلام، وجلست معها في طرف الخِباء تتنفّس الصُّعَداء بعد بكاءٍ بُحَّت له الأصوات. ثمّ عاشت بعد ذلك مِحَناً شتّى.. من السَّلب والنَّهب وحَرْق الخيام، والسَّبْي والأسر، والرحيل عن كربلاء وهي تنظر إلى الأجساد الزاكيات مُطرَّحةً على رمال الطفّ بلا دفن، وترفع رأسها فترى الرؤوسَ المُشالات على رماحٍ طويلة عُرضةً للناس يتصوّرونها رؤوسَ خوارج!
وكانت بعد ذلك رحلةٌ شاقّةٌ ومريرة.. إلى الكوفة وسط أجلافها والشامتين، ثمّ إلى الشام في قصر الطاغية يزيد وأزلامه الحاقدين. وفاطمة ضمن ذلك الركب الحزين المفجوع، في جمعٍ من الأرامل والأيتام وثَواكِلِ آلِ محمّد صلّى الله عليه وآله.
• قال الإمام الحسين عليه السّلام لابن أخيه الحسن المثنى ـ وقد جاء يخطِب إحدى ابنتَيه: أختار لك فاطمة؛ فهيَ أكثرُ شَبَهاً بأمّي فاطمة بنتِ رسول الله صلّى الله عليه وآله. أمّا في الدين.. فتقوم الليلَ كلَّه، وتصوم النهار .
• وكتب الشيخ جعفر النقديّ: هي من عالمات نساء أهل البيت عليهم السّلام، تروي الحديثَ عن: أبيها ( الحسين عليه السّلام )، وعن أمّ سلمة، وأمِّ هاني، وعن عمّتها زينب الكبرى عليها السّلام، وعن أخيها زين العابدين ( عليّ بن الحسين عليه السّلام ). ويروي عنها: ولدُها عبدالله ( بن الحسن المثنّى بن الحسن المجتبى عليه السّلام )، وغيره.
استودعها الحسينُ عليه السّلام مَواريثَ الأنبياء، فسَلَّمَتْها إلى الإمام السجّاد بعد بُرْئه من المرض... وخُطبتُها بالكوفة تُنبئ أنّها كانت على جانبٍ عظيمٍ من العلم والفضل. وفي بعض الأخبار: كانت عندها أشياء مِن آثار رسول الله صلّى الله عليه وآله .
وقال أيضاً: وفضائل فاطمة بنت الحسين عليهما السّلام، وزهدها وعبادتها، وما جاء ذلك من الأخبار، كثيرة جدّاً .
• وعرّف بها خير الدين الزركليّ، فكتب: فاطمة بنت الحسين بن عليّ بن أبي طالب.. تابعيّة، من راويات الحديث، روت عن: جَدَّتها فاطمة ( الزهراء ) مرسلاً، وعن أبيها، وغيرهما.
ولمّا قُتل أبوها ( الحسين ) حُمِلت إلى الشام مع: أختها سكينة وعمّتها أمّ كلثوم بنت عليّ، وزينب العقيلة.. فأُدخِلنَ على يزيد، فقالت فاطمة: يا يزيد! أبناتُ رسول اللهِ سَبايا ؟!
• وكتبت السيّدة زينب بنت علي الفوّاز العامليّ حول شخصيّة فاطمة بنت الحسين عليهما السّلام كتاباً جاء فيه:
كانت فاطمة بنت الحسين كريمةَ الأخلاق، حسَنةَ الأعراق.. لمّا جهّز يزيدُ أهلَ البيت إلى المدينة بعد قتل الحسين عليه السّلام، أرسل معهم رجلاً أميناً مِن أهل الشام في خيلٍ سَيّرها، صَحِبَتُهم إلى أن دخلوا المدينة.. فقالت فاطمة بنت الحسين لأختها سكينة:
ـ قد أحسَنَ هذا الرجلُ إلينا، فهل لكِ أن نَصِلَه بشيء ؟
ـ واللهِ ما مَعَنا ما نَصِلُه به إلاّ ما كان مِن هذا الحَلْي.
ـ فافعَلي.
فأخرَجَتْ فاطمةُ له سِوارَين ودُمْلُجيَن، وبَعَثتْ إليه بهما، فردّهما وقال:
ـ لو كان الذي صَنَعْتُه رغبةً في الدنيا لكان هذا كفاية، ولكنّي ـ واللهِ ـ ما فعلتُه إلاّ لله؛ لقرابتكم من رسول الله .
• تُوفّيتْ رضوان الله عليها سنة 117 هجريّة عن عمرٍ يربو على السبعين سنة.
فسلامٌ على سليلة المصطفى والمرتضى،
وعلى ابنة سيّد الشهداء وسيّد شباب أهل الجنّة،
وعلى المرأة الطاهرة الصابرة العالمة مِن أهل بيت النبوّة والرسالة.