اللهم صلي على سيدنا محمد وآله و سلم
التجديد الصوفي في مغرب القرن الواحد و العشرين - قرن الأصفار - مع شيخ الشاذلية المشيشية
القطب الصوفي مولانا سيدي نور الهدى الإبراهيمي الأندلسي الشاذلي دام مدده .
يعرف العالم أجمع التفاتا ملحوظا للتصوف و أهله , و تتجه أنظار المعاهد و المراكز الإستراتيجية و الاتجاه العالمي الجديد نحو الإسلام المهادن المسمى تصوفا , و تجد فيه من كانت بالأمس تدعم الاتجاهات المتشددة في العالم و هي الإدارة الأمريكية تيارا يستطيع أن يفرض التوازن المطلوب بين السلفية الوهابية الجامحة الطامحة المتزمتة المتسلحة وبين الصوفية الجامعة بين النسب الشريف لآل البيت النبوي و السند الصوفي لأمير المومنين علي بن أبي طالب عليه السلام الذي أخذ العلم و النور و البركة و السر و الخلافة عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهي بهذا تزكي تيارا طالما تعومل معه بالجفاء والإقصاء واللامبالاة أيام كانت تربي السلفية و تطعمها و تسقيها بالكراهية للمسلمين و خاصة للصوفية أنفسهم الذين وجدتهم أيام المحاولات الأولى للاستعمار حماة البلدان بجانب الإمارات الإسلامية و خاصة في المغرب العربي , وهي بتزكيتها للصوفية تريد أن تضرب الوهابية بعدوتها و تسحب البساط و الاستقطاب الأحادي للمسلمين من قبل الشيعة في إيران خاصة من منطلق تأييد آل البيت الشريف حتى لا تبقى إيران و من معها يحوزون الكلام باسم الدفاع و نشر علوم آل البيت الشريف , و هذه هي استراتيجية المرحلة .
ولكن و لله الحمد نقول كما كان يقول أستاذ الأجيال السيد العارف بالله سيدي أبي الحسن الشاذلي قدس الله سره : ليس الرجل الذي ينصر بأحبابه إنما الرجل الذي ينصر بأعدائه .
وهاهي الإدارة الأمريكية وما تمثله من هيمنة و استقطاب أحادي عولمي تعمل - ليس حبا في التصوف و آل البيت بل سياسة فرضتها الظروف - على التمكين للعارفين بالله الصوفية الكرام الذين صمدوا في وجه الاستعمار ووقفوا في وجه المذهب الوهابي المصطنع الذي يكره أولياء الله و آل البيت والذي يمثل الحقد التاريخي على أبناء بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الزهراء عليها السلام .
هذا الاتجاه العام الذي رفع ويرفع الصوفية في العالم لقيادة روحية دينية عالمية تقضي على الإرهاب الوهابي المتشدد الذي يحقد على آل البيت والصوفية و حاول ويحاول أن يجثث شجرة مباركة لا يطيق أن يشم رائحتها الزكية لما اعتاده من استنشاق الهواء العفن المتركد , و لا يعني هذا أن الصوفية وآل البيت صنيعة أحد بل هم صنع الله رب العالمين الذي أتقن كل شيء و الذي أتى بالعدو التاريخي لهم يستصرخهم :أنقذوني من ولدي العاق - السلفية الوهابية المتشددة - الذي يريد أن يبدلني بنفسه , … و سيلبي الصوفية الكرام النداء لأن من شيم الكرام الشهامة و نجدة الناس و لأنها حكمة الله البالغة , لأن الصوفية و آل البيت الكرام عليهم السلام لا يتدخلون إلا حين يهدد السلم و السلام و الأمان العالمي و يقع الخلل , فيرأبون الصدع ثم يعودون لزواياهم و خلواتهم زاهدين في دنيا الناس مكتفين بالمعية و الاصطفاء الإلهي .
أما في مغرب القرن الواحد و العشرين في عهد الملك الشريف سليل الدوحة العلوية الشريفة أحد أحفاد بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سيدنا ومولانا محمد السادس حفظه الله , فالأمر يختلف تماما , فالملك تربى في قصر هو زاوية قبل أن يكون قصرا للإمارة , هو مسجد قبل أن يكون إدارة لتسيير شؤون المملكة . ورث من جده محمدا الخامس وأبيه الحسن الثاني رحمة الله عليهما حب أولياء الله و تعظيمهم و العناية بهم , لأنهم أمان و حفظ و رحمة إلهية و لأنهم أنوار ترجى بركاتها , كيفا لا و ملك الملوك سبحانه اصطفاهم جلساء له , ما خاب من أحبهم و لا ندم من استشارهم , و لم يكن اهتمام ملك المغرب بالصوفية و السادة الأشراف من آل البيت النبوي عليهم السلام إستراتيجية سياسية فرضتها الظروف كما يحلو للبعض ممن خيبهم الله في’’’ دعاويهم الألفين وستوية ’’’ …, بل كان الأمر منذ نعومة أظافره إلى أن توج ملكا على عرش المملكة المغربية محبة لأولياء الله الصوفية و للسادة الأشراف من آل البيت عليهم السلام بما هم لحمة و دعامة المملكة الشريفة و بما هم أهل الحل و العقد و شورى الملك الشرعيين و الحماة مع أمير المومنين للملكة الشريفة , أسعفت الظرفية التاريخية و التحولات السياسية و الاقتصادية في العالم لإبراز هذه المحبة و هذا التعلق بالسمو الروحي كما هو عند الصوفية كخلاص روحي و ارتقاء عرفاني ذوقي يزيد المؤمن قربا لله الواحد الأحد و تحققا كليا بمعاني الشريعة الغراء , سلكه الملك أمير المومنين في سلوكه الخاص و نصح شعبه بسلوكه لأن المغرب دائما و أبدا كان بالأولياء و سيبقى بالأولياء و هو بلد الأولياء منذ أتى عم الأسرة العلوية الشريفة مولانا إدريس الأكبر عليه السلام إلى المغرب فاتحا ناشرا للإسلام على مذهب آل البيت الشريف عليهم السلام و على طريقة التصوف امتدادا لخط أمير المومنين باب مدينة العلم مولانا وسيدنا علي بن أبي طالب عليه السلام , ولا يمكن فهم طبيعة بلد المغرب إلا إن جمعت المفاتيح التالية :
1 - موالاة آل البيت النبوي الشريف عليهم السلام , و الأسرة العلوية الحاكمة في المغرب الدولة الوحيدة في العالم التي تعرف حكم ذرية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جد الأشراف آل البيت النبوي الشريف .
-2 التصوف الذي عرف به ذرية مولانا الإمام الحسن السبط عليه السلام و مولاي إدريس الأكبر و السيد محمد النفس الزكية عليهما السلام الجد الأكبر للأسرة العلوية الشريفة ابنا مولانا عبد الله الكامل عليه السلام بن مولانا الإمام الحسن المثنى عليه السلام بن مولانا الإمام الحسن السبط عليه السلام بن مولانا أمير المومنين علي عليه السلام و السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام بنت رسول الله صلى الله عليه و آله وسلم .
- 3 الإمارة الجامعة بين النسب و المذهب النبوي الشريف و بين الحقيقة الصوفية كأرقى تعبير عن الشريعة و تطبيق لها .
4 - طبيعة المغرب المتجانسة من هذه المقدسات التي لا تدين إلا لرجل عارف بالله و ولي لله عالم جامع بين تعاليم الشريعة و إشراقات الحقيقة نسبه يرتقي إلى رسول الله صلى الله عليه و آله وسلم .
لذلك لم يمكن في المغرب إلا لدولة جمعت هذه الخصال المقدسة فأصبحت مقدسة . فالمغرب ابتدأ بدولة الأشراف الأدارسة عليهم السلام و ختم بدولة الأشراف العلويين عليهم السلام , ولمن يتنبأ بزوال ملك آل البيت النبوي الشريف من المغرب فإنما يتنبأ بزوال نفسه ولن يستطيع أن يزيح ماالله تبته و أقول له : طالما أن الشيخ القطب أستاذنا أستاذ الأجيال مولانا عبد السلام بن مشيش عليه السلام يتربع فوق جبل الأعلام - جبل العلم - في الحرم الآمن بمدينة تطوان . و طريقته المشيشية الشاذلية تجوب من شمال المملكة إلى جنوبها ومن غربها إلى شرقها , تزول الجبال ولا يزول ملك آل البيت العلوي الشريف من المغرب و لو اجتمعت الخلائق عليه لأن فيه الباب الخفي عن الناس كما قال محيي الدين بن عربي رحمه الله .
في هذه اللحظة التاريخية المهمة من تاريخ المغرب يأتي ظهور الشيخ الجليل الإمام المؤيد بإلهام الله و علم الأعلام الساكن في حمى الحرم التطواني المشيشي سيدنا ومولانا مجدد التصوف و مربي العارفين سيدي نور الهدى محمد نبيل الإبراهيمي الأندلسي الشاذلي دام مدده , كرجل مجدد للطريقة الشاذلية المشيشية في المغرب بل و في العالم , فبرز كقطب للصوفية الكرام مجددا للتصوف ناهضا بأعباء إحياء القلوب و توجهيها لله و دلا لتها على الله داعيا للتمسك بالمقدسات العليا للبلد الضامن لاستمراريته ووجوده المتمثلة في شعار : الله - الوطن - الملك , هذا الشعار المقدس الذي يمثل بلغة أخرى : الإسلام دين الحق - المغرب وطن ودولة آل البيت الشريف - الملك بما هو أمير للمومنين جامع بين الزعامة الدينية و السياسية وارثا لأسرار آبائه الميامين مؤسسا لدولة العارفين بالله التي تقتدي وتهتدي و تتمسك بعهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم و آل بيته الكرام و الأولياء الأماجد والصحب الغر الميامين عليهم الرضا و الرضوان .
بهذا فقطب الصوفية المعاصرين مولانا سيدي نور الهدى عظم الله نوره ببساطة و بلاغة بيانه و سمته و سلوكه و قوة يقينه في ربه و تسديد الله له , يحاول أن يجعل من التصوف و موالاة آل البيت النبوي الشريف الذي هو فيهما من الذروة أنموذجا و ظاهرة عالمية يستنشق عبيرها الخاص و العام و يمكن فيها لآل سيدنا محمد عليه السلام و للدوحة العلوية الشريفة و دولتها المجيدة بما يومن أنها دولة آل البيت و بما يرى من تهافت المتهافتين على النيل - و أنى لهم - من الوجود النوراني للدولة العلوية الشريفة . لذلك دأب حفظه الله بما يتمتع به من شعبية بين فئات المجتمع الدولي و علم و عرفان و نورانية و اجتهاد و مكانة يعترف بها العدو الحسود قبل الصديق المحب على التمكين لدولة أولياء الله و الحفاظ و التأمين و التحصين لثوابث و مقدسات البلد من أن تنتهك أو تلثتم …
… فالشيخ بتجديده الصوفي العرفاني الروحاني النوراني في هذه اللحظة التاريخية , يمثل قطبا عظيما من أقطاب التصوف المغربي العالمي المعاصر و رمزا شامخا للصوفية و آل البيت الكرام في العالم ومرجعية دينية و معلمة حضارية تعمل للوحدة بين المسلمين و التوحد في وجه التشدد الذي يهدد سلم العالم و أمنه,وهو كذلك مرجع صادق و مصحح متفحص لأنساب آل البيت النبوي الشريف الجامع بين التحقيق العلمي و التدقيق التاريخي و الفراسة الكارزمتية الخلقية و الخلقية التي اشتهر بها السادة الأشراف عليهم السلام .
….يأتي إذن التجديد الصوفي في مغرب القرن الواحد و العشرين مع شيخ الشاذلية المشيشية ليجعل من المغرب بلد الأولياء كما كان دائما و ليربط المغاربة بالرباط المقدس الذي كان عليه أجدادهم و تراخت عراه في النصف الأخير من القرن العشرين بفعل التوسعات الاستعمارية الأوربية , ثم لينفي الدخيل عن التصوف ليحق الحق و يبطل الباطل ولو كره الكارهون و ليعود التصوف كما كان