اللهم صل على سيدنا محمد و على ال سيدنا محمد
جاء في (فرائد السمطين) بسنده عن (مجاهد) عن (ابن عباس) أنَّه قال:
قدم يهودي يقال له نعثل فقال:
يا محمد أسألك عن أشياء تلجلج في صدري منذ حين، فان أجبتني عنها أسلمت على يديك، قال (صَلّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ): سل يا أبا عمارة، فقال: صف لي ربَّك! فقال (صَلّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ): لا يوصف إلاّ بما وصف به نفسه، وكيف يوصف الخالق الذي تعجز العقول أن تدركه، والأوهام أن تناله، والخطرات أن تحدّه، والأبصار أن تحيط به، جلَّ وعلا عما يصفه الواصفون، ناءٍ في قربه، وقريب في نأيه، هو كيَّف الكيف، وأين الأين، فلا يقال له أين هو، وهو منقطع الكيفيَّة والأينونية، فهو الأحد الصمد كما وصف نفسه، والواصفون لا يبلغون نعته، لم يلد ولم يولد، ولا يكن له كفواً أحد، قال: صدقت يا محمد! فأخبرني عن قولك أنه واحد لا شبيه له، أليس الله واحداً والإنسان واحداً، فقال (صَلّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ): الله عزَّ وعلا واحد، حقيقي، أحديُّ المعني، أي لا جزء ولا تركيب له، والإنسان واحد ثنائي المعني، مركَّب من روح وبدن، قال:
صدقت فأخبرني عن وصيِّك من هو؟ فما من نبي إلاّ وله وصي، وإنَّ نبينا موسى بن عمران أوصى ليوشع بن نون، فقال (صَلّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ):
إنَّ وصيي علي بن أبي طالب، وبعده سبطاي الحسن والحسين، تتلوه تسعة أئمة من صلب الحسين، قال:
يا محمد فسمِّهم لي، قال (صَلّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ):
إذا مضى الحسين فابنه علي، فإذا مضى علي فابنه محمد، فإذا مضى محمد فابنه جعفر، فإذا مضى جعفر فابنه موسى، فإذا مضى موسى فابنه علي، فإذا مضى علي فابنه الحسن، فإذا مضى الحسن فابنه الحجة محمد المهدي، فهؤلاء إثنا عشر.
قال: أخبرني كيفية موت علي، والحسن، والحسين، قال (صَلّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ):
يُقتل علي بضربة على قرنه، والحسن يُقتل بالسم، والحسين بالذبح، قال:
فأين مكانهم؟ قال (صَلّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ):
في الجنة في درجتي، قال (صَلّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ):
أشهد أن لا إله إلا الله، وإنَّك رسول الله، وأشهد أنَّهم الأوصياء بعدك، ولقد وجدتُ في كتب الأنبياء المتقدمة، وفيما عهد إلينا موسى بن عمران (عَليهِ السَّلامُ) أنَّه إذا كان آخر الزمان يخرج نبيٌّ يقال له أحمد ومحمد، هو خاتم الأنبياء، لا نبيَّ بعده،
فيكون أوصياؤه بعده إثنا عشر، أولهم ابن عمه وختنه، والثاني والثالث كانا أخوين من ولده، وتقتل أمة النبي الأول بالسيف، والثاني بالسم، والثالث مع جماعة من أهل بيته بالسيف وبالعطش في موضع الغربة، فهو كولد الغنم، يُذبح ويصبر على القتل لرفع درجاته، ودرجات أهل بيته وذريته، ولإخراج محبيه وأتباعه من النار، وتسعة الأوصياء منهم من أولاد الثالث، فهؤلاء الإثنا عشر عدد الأسباط.
فقال (صَلّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ):
أتعرف الأسباط؟ قال:
ـنعم، إنَّهم كانوا إثنا عشر أولهم لاوي بن برخيا، وهو الذي غاب عن بني إسرائيل غيبة، ثمَّ عاد فأظهر الله به شريعته بعد اندراسها، وقاتل قرسطيا الملك حتى قتل الملك، قال (صَلّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ):
كائن في أمتي ما كان في بني اسرائيل، حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة، وإنَّ الثاني عشر من ولدي يغيب حتى لا يُرى، ويأتي على أمتي بزمن لا يبقي من الإسلام إلا إسمه، ولا يبقى من القرآن إلاّ رسمه، فحينئذ يأذن الله تبارك وتعالى له بالخروج، فيظهر الله الإسلام به ويجدده، طوبى لمن أحبهم وتبعهم، والويل لمن أبغضهم وخالفهم) .
القندوزي الحنفي، ينابيع المودة، الباب: 76، ص: 440-441.